منها بتوسط اللوازم العقلية أو العادية ، فكذا العلم التعبدي ، غير تام لأنّ العلم الوجداني إنّما يقتضي ذلك ، لأنّه من العلم بالملزوم يتولد العلم باللازم بعد الالتفات إلى الملازمة ، فترتب آثار اللازم ليس من جهة العلم بالملزوم ، بل من جهة العلم بنفس اللازم المتولد من العلم بالملزوم ، ولذا يقولون : إنّ العلم بالنتيجة يتولد من العلم بالصغرى والعلم بالكبرى ، فانّ العلم بالصغرى هو العلم بالملزوم ، والعلم بالكبرى هو العلم بالملازمة ، فيتولد من هذين العلمين العلم الوجداني باللازم وهو العلم بالنتيجة ، بخلاف العلم التعبدي المجعول ، فانّه لا يتولد منه العلم الوجداني باللازم وهو واضح ، ولا العلم التعبدي به لأنّ العلم التعبدي تابع لدليل التعبد ، وهو مختص بالملزوم دون لازمه لما عرفت من أنّ المخبر إنّما أخبر عنه لا عن لازمه.
فالذي تحصّل مما ذكرناه في المقام : أنّ الصحيح عدم الفرق بين الأمارات والاستصحاب ، وعدم حجية المثبتات في المقامين ، فانّ الظن في تشخيص القبلة وإن كان من الأمارات المعتبرة بمقتضى روايات خاصة (١) واردة في الباب ، لكنّه إذا ظنّ المكلف بكون القبلة في جهة ، وكان دخول الوقت لازماً لكون القبلة في هذه الجهة لتجاوز الشمس عن سمت الرأس على تقدير كون القبلة في هذه الجهة ، فلا ينبغي الشك في عدم صحة ترتيب هذا اللازم وهو دخول الوقت ، وعدم جواز الدخول في الصلاة. نعم ، تكون مثبتات الأمارة حجةً في باب الاخبار فقط ، لأجل قيام السيرة القطعية من العقلاء على ترتيب اللوازم على الاخبار بالملزوم ولو مع الوسائط الكثيرة ، ففي مثل الاقرار والبينة وخبر العادل يترتب جميع الآثار ولو كانت بوساطة اللوازم العقلية أو العادية ، وهذا
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٠٧ / أبواب القبلة ب ٦ ح ١ وغيره.