بهذه الملازمة ، فلا يبقى مورد لعدم حجية الأصل المثبت.
فالذي تحصّل مما ذكرناه : عدم حجية الأصل المثبت مطلقاً ، لعدم دلالة أخبار الباب على أزيد من التعبد بما كان متيقناً وشك في بقائه ، فلا دليل على التعبد بآثار ما هو من لوازم المتيقن.
ثمّ إنّه قد تمسك جماعة من القدماء في عدّة من الفروع بالأصل المثبت ، إمّا لأجل الالتزام بحجيته ، وإمّا لأجل عدم الالتفات إلى عدم شمول الأدلة له ، فانّ مسألة عدم حجية الأصل المثبت من المسائل المستحدثة ، ولم تكن معنونة في كلمات القدماء.
وكيف كان ينبغي لنا التكلم في جملة من هذه الفروع التي نسب إليهم التمسك فيها بالأصل المثبت.
الفرع الأوّل : ما إذا لاقى شيء نجساً أو متنجساً ، وكان الملاقي أو الملاقى رطباً قبل الملاقاة ، فشككنا في أنّ الرطوبة كانت باقية حين الملاقاة أم لا ، فتمسكوا باستصحاب الرطوبة وحكموا بنجاسة الملاقي ، فان قلنا بكون موضوع التنجس بالملاقاة مركباً من الملاقاة والرطوبة في أحد الطرفين ، فلا إشكال في جريان استصحاب الرطوبة ولا يكون من الأصل المثبت ، لأنّ أحد جزأي الموضوع محرز بالوجدان وهو الملاقاة ، والجزء الآخر محرز بالأصل وهو الرطوبة ، فيترتب الأثر حينئذ وهو الحكم بنجاسة الملاقي ، وإن قلنا بأن موضوعه هي السراية وأ نّه لا يحكم بنجاسة الملاقي ولو مع العلم بالرطوبة إذا كانت ضعيفة غير موجبة للسراية ، فلا مجال لاستصحاب الرطوبة ، لكونه من الأصل المثبت ، فانّ الأثر الشرعي على هذا المبنى مترتب على السراية ، وهو شيء بسيط ولم يكن متيقناً حتى يكون مورداً للتعبد الاستصحابي ، بل هو من