من الأصل المثبت ، بل الكلي عين الفرد وجوداً ومتحد معه خارجاً ، فاذا كان في الخارج خمر وشككنا في صيرورته خلاً ، فباستصحاب الخمرية نحكم بحرمته ونجاسته مع كون الحرمة والنجاسة من أحكام طبيعة الخمر ، لأنّ الكلي عين الفرد لا لازمه.
الثاني : جريان الاستصحاب في منشأ الانتزاع ، فتترتب عليه الأحكام المترتبة على الامور الانتزاعية ، وهي الامور التي ليس بحذائها شيء في الخارج ، ويعبّر عنها بخارج المحمول ، كالملكية والزوجية ، فانّ الأثر الشرعي وإن كان أثراً للأمر الانتزاعي ، إلاّأ نّه حيث لا يكون بحذائه شيء في الخارج ، كان الأثر في الحقيقة أثراً لمنشأ الانتزاع. وهذا بخلاف الأعراض التي تكون بأنفسها موجودة في الخارج ، ويعبّر عنها بالمحمول بالضميمة ، فاذا كان الأثر أثراً لسواد شيء ، لم يمكن ترتيبه على استصحاب معروضه على تقدير كون السواد لازماً لبقائه دون حدوثه ، فانّه من أوضح مصاديق الأصل المثبت.
الثالث : جريان الاستصحاب في الجزء والشرط ، فتترتب عليه الجزئية والشرطية ، فانّ الجزئية والشرطية وإن لم تكونا مجعولتين بالاستقلال ، لكنّهما مجعولتان بالتبع ، ولا فرق في ترتب الأثر المجعول على المستصحب بين أن يكون مجعولاً بالاستقلال أو بالتبع ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المستصحب وجودياً أو عدمياً. انتهى كلامه قدسسره.
أقول : أمّا ما ذكره أوّلاً من جريان الاستصحاب في الفرد فهو مما لا إشكال فيه ، كيف ولو منع منه لانسدّ باب الاستصحاب ، إلاّأنّ جريانه في الفرد ليس مبنياً على ما ذكره من اتحاد الكلي والفرد خارجاً ، بل الوجه فيه أنّ الأثر أثر لنفس الفرد لا للكلي ، لأنّ الأحكام وإن كانت مجعولةً على نحو القضايا الحقيقية ، إلاّأنّ الحكم فيها ثابت للأفراد لا محالة ، غاية الأمر أنّ