والذي ينبغي أن يقال في دفعه : إنّ الاشكال المذكور إنّما نشأ مما هو المعروف بينهم من أنّه يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب بنفسه مجعولاً شرعياً أو موضوعاً لمجعول شرعي ، فيتوجه حينئذ الاشكال في جريان الاستصحاب في الشرط ، لعدم كونه مجعولاً بالجعل التشريعي ، وليس له أثر جعلي.
والتحقيق في الجواب : أنّه لا ملزم لاعتبار ذلك ، فانّه لم يدل عليه دليل من آية أو رواية ، وإنّما المعتبر في جريان الاستصحاب كون المستصحب قابلاً للتعبد ، ومن الظاهر أنّ الحكم بوجود الشرط قابل للتعبد ، ومعنى التعبد به هو الاكتفاء بوجوده التعبدي وحصول الامتثال ، فانّ لزوم إحراز الامتثال وإن كان من الأحكام العقلية إلاّأ نّه معلّق على عدم تصرف الشارع بالحكم بحصوله ، كما في قاعدتي الفراغ والتجاوز ، فانّه لولا حكم الشارع بجواز الاكتفاء بما أتى به المكلف فيما إذا كان الشك بعد الفراغ ، أو بعد التجاوز ، لحكم العقل بوجوب الاعادة ، لاحراز الامتثال من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، لكنّه بعد تصرف الشارع وحكمه بجواز الاكتفاء بما أتى به ارتفع موضوع حكم العقل ، لكونه مبنياً على دفع الضرر المحتمل ، ولا يكون هناك احتمال ضرر.
فكذا الحال في المقام ، فان معنى جريان الاستصحاب في الشرط هو الاكتفاء بوجوده الاحتمالي في مقام الامتثال بالتعبد الشرعي ، فلا محذور فيه أصلاً ، وتكون حال الاستصحاب حال قاعدة الفراغ والتجاوز في كون كل منهما تصرّفاً من الشارع ، غاية الأمر أنّ الاستصحاب لا يختص بمقام الامتثال ، فيجري في ثبوت التكليف تارةً وفي نفيه اخرى وفي مقام الامتثال ثالثةً ، بخلاف قاعدة الفراغ والتجاوز فانّها مختصة بمقام الامتثال.
ثمّ ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) : أنّه لا فرق في المستصحب أو
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤١٧.