الحدوث أمر بسيط وهو الوجود المسبوق بالعدم. ويجري ما ذكرناه فيما إذا شك في تقدم الارتفاع وتأخره مع العلم بأصل تحققه ، فلا مانع من جريان أصالة عدم الارتفاع إلى زمان العلم به ، ولا يمكن إثبات تأخر الارتفاع ولا حدوثه بهذا الاستصحاب إلاّعلى القول بالأصل المثبت.
وأمّا المقام الثاني : وهو ما إذا كان الشك في تقدم حادث وتأخره بالنسبة إلى حادث آخر ، كما إذا علمنا بموت الوالد وإسلام الولد وشككنا في أنّ الاسلام متقدم على الموت ليرث الولد من والده أو أنّه متأخر عنه لئلا يرث منه ، فتحقيق الكلام فيه يقتضي ذكر مقدمة وهي : ما أشرنا إليه آنفاً من أنّ الموضوع إذا كان بسيطاً لا يمكن ترتيب أثره باستصحاب يجري في ملزومه ، وإن كان الموضوع مركباً من أمرين ، فلا مانع من جريان الاستصحاب وترتيب أثر هذا الموضوع المركب إذا كان أحد الجزأين محرزاً بالوجدان والآخر بالأصل ، كما إذا شككنا في حياة الولد حين موت والده ، فانّ الموضوع للارث مركب من أمرين : موت الوالد ، وحياة الولد حين موت الوالد ، وأحد الجزأين محرز بالوجدان وهو موت الوالد ، والجزء الآخر وهو حياة الولد يحرز بالاستصحاب ، فيترتب عليه الحكم لا محالة.
وكذا الحال في موضوع جواز التقليد ، فاذا كان زيد عادلاً ولم يكن عالماً فصار عالماً ، وشككنا في بقاء عدالته ، فنحرز عدالته بالاستصحاب وعلمه بالوجدان ، فيحكم بجواز تقليده.
وكذا الكلام في متعلق الحكم ، فانّه إذا كان مركباً لا مانع من جريان الاستصحاب في أحد جزأيه مع إحراز الجزء الآخر بالوجدان ، كما هو الحال في الصلاة فانّ الواجب علينا الاتيان بها مع الستر والطهارة من الحدث والخبث مثلاً ، فباحراز الطهارة مثلاً بالأصل والباقي بالوجدان يترتب الأثر وهو جواز