في نفسه ، لما ذكرناه مراراً من أنّه لا يعتبر في الاستصحاب كون اليقين سابقاً على الشك ، بل يكفي حدوثهما في زمان واحد ، بأن يكون اليقين متعلقاً بالحدوث والشك متعلقاً بالبقاء ، والمقام كذلك ، فانّه في يوم السبت بعد العلم بوجود الموت والاسلام فعلاً لنا يقين بعدم الاسلام وبعدم الموت يوم الخميس ، وشك في حدوث الاسلام حين الموت ، فعدم الاسلام حين الموت متعلق لليقين حدوثاً ، ومتعلق للشك بقاءً ، ومعنى اتصال الشك باليقين عدم تخلل يقين آخر بينهما. وليس في المقام يقين آخر فاصل بين اليقين الأوّل والشك حتى يكون من نقض اليقين باليقين ، لأنّ اليقين الآخر متعلق بوجود الاسلام فعلاً ، وهو ليس بناقض لليقين الأوّل ، لعدم كونه متعلقاً بعين ما تعلق به اليقين الأوّل ، لأن متعلق اليقين الأوّل حدوثاً ومتعلق الشك بقاءً هو عدم الاسلام حين الموت ، ومتعلق هذا اليقين هو وجود الاسلام فعلاً ، فلا يرتبط أحدهما بالآخر.
فتحصّل مما ذكرناه : أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب فيما إذا كان الأثر لأحدهما ، ويسقط للمعارضة فيما إذا كان الأثر لكل واحد منهما كما عليه الشيخ قدسسره وجماعة من المحققين.
ثمّ إنّه ربّما يمنع من جريان الاستصحاب في موردين بتوهم أنّهما من الشبهة المصداقية من حيث اعتبار عدم تخلل يقين آخر بين اليقين السابق والشك اللاحق ، ونتعرض لهما بالمناسبة وإن لم يكن لهما دخل بمسألة مجهولي التاريخ :
أحدهما : ما ذكره بعض الأكابر ، وهو ما إذا علمنا بعدالة زيد مثلاً في زمان ، وشككنا في بقائها الآن ، ولكن نحتمل كوننا متيقنين بفسقه بعد اليقين بعدالته ، فلا يجري استصحاب العدالة ، لاحتمال تخلل اليقين بالفسق بين اليقين بالعدالة والشك في بقائها ، فتكون الشبهة مصداقية.
وفيه : ما مرّ مراراً من أنّه لا يعتبر في الاستصحاب سبق اليقين على الشك ،