السابقة ، لأنّ المانع من جريان استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرية في هذه الصورة أمران : الأوّل : كونه مثبتاً على ما تقدم. والثاني : معلومية تاريخ الملاقاة.
وأمّا في صورة العلم بتاريخ الكرية والجهل بتاريخ الملاقاة ، فلا يجري استصحاب عدم الكرية ، لمعلومية تاريخها ، ولا استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرية لكونه مثبتاً على ما تقدم بيانه من اعتبار الكرية قبل الملاقاة ، ولذا اختار هو وغيره عدم كفاية التتميم في طهارة الماء القليل الملاقي للنجس ، وبعد عدم جريان كلا الاستصحابين لا يمكن الرجوع إلى قاعدة الطهارة ، وذلك لما أسسه من الأصل ، وهو أنّه إذا استثني من حكم إلزامي عنوانٌ وجودي ، يفهم منه العرف أنّ إحراز هذا العنوان جزء للموضوع ، فلو لم يحرز العنوان المذكور يرجع إلى حكم العام ، فاذا قال المولى لعبده : لا تأذن في الدخول عليَّ إلاّللعالم مثلاً ، يفهم منه العرف أنّ الموضوع لجواز الاذن هو إحراز عنوان العالم.
والمقام من هذا القبيل ، لأنّه حكم في الشريعة المقدسة بوجوب الاجتناب عن الماء الملاقي للنجاسة ، واستثني منه ماء الكر ، فيفهم العرف منه أنّ الموضوع لعدم وجوب الاجتناب هو إحراز الكرية ، وفي صورة عدم إحراز الكرية يرجع إلى حكم العام ، وهو وجوب الاجتناب ، وفرّع على هذا الأصل فروعاً كثيرة :
منها : ما لو علمنا بقلة ماء وكريته ، وشككنا في أنّ المتقدم هو الكرية حتى يحكم بنجاسته فعلاً للملاقاة ، أو القلة حتى يحكم بعدم نجاسته ، فيتعارض استصحاب عدم الكرية حين الملاقاة باستصحاب عدم القلة ، وبعد التساقط لا يمكن الرجوع إلى قاعدة الطهارة ، لما تقدم من الأصل ، فيحكم بالنجاسة. وكذا الكلام في الماء الذي ليس له حالة سابقة كالمخلوق دفعةً فرضاً ، أو الماء الذي لا نعلم حالته السابقة.