ومنها : ما لو شككنا في كون دمٍ أقل من الدرهم ، فيحكم بوجوب الاجتناب عنه ، لأنّ المستثنى من وجوب الاجتناب عن الدم هو الأقل من الدرهم ، ويفهم منه العرف أنّ المستثنى هو إحراز كونه أقل من الدرهم ، فمع عدم الاحراز يرجع إلى حكم العام ، لا للتمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، بل لأنّ المستثنى هو إحراز كونه أقل من الدرهم بحسب فهم العرف.
ومنها : ما لو شككنا في كون امرأة من المحارم ، فيحكم بحرمة النظر إليها ، لأنّ المستثنى من حرمة النظر هو إحراز كونها من المحارم بحسب فهم العرف ، فمع عدم الاحراز يرجع إلى حكم العام ، انتهى ملخص كلامه قدسسره. وفيه مواقع للنظر :
الموقع الأوّل : فيما أسسه من الأصل ، فانّه إن كان مراده أنّ الموضوع للحكم الواقعي هو الاحراز ، فيلزم منه انتفاء الطهارة واقعاً في صورة الشك في الكرية ، لكون موضوع الطهارة الواقعية هو إحراز الكرية على الفرض ، فلو توضأ بماء مشكوك الطهارة مع الغفلة ، يلزم الحكم ببطلان وضوئه ، ولو انكشف بعد الوضوء كونه كراً في الواقع ، وهذا شيء لم يلتزم به أحد.
وإن كان مراده أنّ الموضوع للحكم الظاهري هو إحراز الكرية ، وأنّ الحكم الظاهري مجعول طريقاً إلى الحكم الواقعي نظير وجوب الاحتياط ، وأنّ قوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء قدر كر ...» إلخ منحل إلى بيان حكمين : أحدهما الحكم الواقعي وموضوعه الكر الواقعي. ثانيهما : الحكم الظاهري الطريقي ، وموضوعه إحراز الكرية ، فكل ما لم تحرز كريته محكوم بالانفعال ظاهراً.
ففيه : أنّ استفادة الحكمين من مثل قوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء قدر كر ...» دونه خرط القتاد ، فانّا لا نفهم منه بعد مراجعة العرف إلاّحكماً واحداً