الانفعال وإن كان متوقفاً على كون الكرية سابقة على الملاقاة ، إلاّأنّ الطهارة أعم منه ، فان موضوع عدم الانفعال أمران : الكرية والملاقاة ، لأنّه في صورة عدم الملاقاة لا يكون هناك مقتضٍ للانفعال حتى تكون الكرية مانعة عنه ، فلا يصدق عدم الانفعال إلاّمع الملاقاة والكرية ، بخلاف الطهارة فانّها غير متوقفة على الكرية ولا على الملاقاة ، لامكان أن يكون ماءً قليلاً وطاهراً مع عدم الملاقاة. فاذن لا مانع من جريان استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرية فيحكم بالطهارة ، فلا حاجة إلى إثبات عنوان عدم الانفعال حتى يقال إنّه متوقف على كون الكرية سابقة على الملاقاة ، وإثباته باستصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرية متوقف على القول بالأصل المثبت.
فالذي تحصّل مما ذكرنا : أنّ الأوفق بالقواعد هو الحكم بطهارة الماء في جميع الصور الثلاث ، لتساقط الاستصحاب للمعارضة ، فيكون المرجع أصالة الطهارة. وعلى فرض تسليم عدم جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ ، يكون الصحيح هو القول بالتفصيل (١) على ما تقدم بيانه.
تنبيه
إنّ ما ذكرناه هو الذي ذكره سيدنا الاستاذ (دام ظله) في محاضرته الاصولية ، وعدل عنه (دام ظله) في حاشيته على العروة (٢) وحكم بنجاسة الماء في جميع الصور الثلاث ، والوجه فيه ما ذكره في دراساته الفقهية في خيار العيب على ما في تقريرات بعض أفاضل مقرري بحثه (٣) وحيث إنّه مشتمل على
__________________
(١) وهو القول الثالث في هذه المسألة وقد تقدم بيانه في ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤.
(٢) العروة الوثقى ١ : ٤١ / فصل في الماء الراكد ، المسألة ٨ [١٠٦].
(٣) لاحظ مصباح الفقاهة ٧ : ٢٢٧ ـ ٢٣٦.