هذا تمام الكلام في أصالة تأخر الحادث فيما كان الموضوع مركباً من عدم أحد الحادثين ووجود الآخر.
وأمّا إذا كان الموضوع بسيطاً ، كما إذا علمنا بوجود الحدث والطهارة منه وشككنا في المتقدم منهما ، فاختار صاحب الكفاية (١) قدسسره عدم جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ.
أمّا إذا كان أحدهما معلوم التاريخ والآخر مجهوله ، فاختار أيضاً عدم جريان الاستصحاب في خصوص مجهول التاريخ ، لما ذكره سابقاً من عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، غاية الأمر أن عدم إحراز الاتصال في المسألة السابقة إنّما هو لعدم إحراز زمان الشك ، وفي المقام لعدم إحراز زمان اليقين.
وذلك لأنّ الاستصحاب الجاري في المسألة السابقة كان عدمياً ، وزمان اليقين بعدم الحادثين كان معلوماً ، إنّما الشك في بقاء هذا العدم في زمان وجود الحادث الآخر ، وحيث إنّ زمان وجود الحادث الآخر غير معلوم لنا ، فلا محالة زمان الشك غير معلوم لنا ، فلم يحرز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، بخلاف المقام فانّ الاستصحاب الجاري فيه وجودي ، وزمان الشك في البقاء معلوم ، لكن زمان اليقين بالحدوث غير معلوم لكونه مجهول التاريخ على الفرض ، فلم يحرز اتصال زمان اليقين بزمان الشك.
وفيه : ما تقدم (٢) من أنّه لا يعتبر في جريان الاستصحاب اتصال زمان الشك واليقين بالمعنى المذكور ، بل الميزان في الاستصحاب هو اليقين الفعلي بالحدوث مع الشك في البقاء على ما تقدم بيانه ، ولا يعتبر في جريان
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٢١ ـ ٤٢٢.
(٢) في ص ٢٢١.