التنبيه الرابع عشر
هل المراد من الشك المأخوذ في الاستصحاب خصوص تساوي الطرفين ، أو عدم اليقين الشامل للظن غير المعتبر؟ وحيث إنّ الاستصحاب متقوّم باليقين والشك ، فلا بدّ من التكلم فيهما.
أمّا اليقين فقد تقدّم الكلام فيه في التنبيه الثاني (١) ، وذكرنا أنّ اليقين التعبدي كاليقين الوجداني في صحة جريان الاستصحاب معه. ومنه يظهر أنّه لا مجال لجريان الاستصحاب مع قيام الأمارة المعتبرة على ارتفاع الحالة السابقة ، فانّه بمنزلة اليقين بالارتفاع بجعل الشارع ، ويكون رفع اليد عن اليقين السابق بها من نقض اليقين باليقين ، لا من نقض اليقين بالشك.
وأمّا الشك فالظاهر أنّ المراد منه خلاف اليقين الشامل للظن ، فانّه هو المتعارف في لغة العرب ، وجعل الظن مقابلاً للشك واليقين اصطلاح مستحدث ، فالشك بمفهومه العرفي شامل للظن. مضافاً إلى وجود القرينة على جريان الاستصحاب مع الظن بارتفاع الحالة السابقة في أدلة الاستصحاب ، وهي أمران :
الأوّل : ترك الاستفصال في صحيحة زرارة (٢) في قوله عليهالسلام : «لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام» بعد سؤاله بقوله : «فان حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم» فان قوله عليهالسلام : «لا» أي لا يجب عليه الوضوء ، بلا استفصال بين الشك والظن يدل على عدم وجوب الوضوء مطلقاً ، مع أنّ الغالب ـ فيما إذا
__________________
(١) في ص ١٠٩.
(٢) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.