التنبيه الخامس عشر
يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة فيها موضوعاً ومحمولاً ، إذ المستفاد من أدلته هو وجوب المضي على اليقين السابق وعدم جواز نقضه بالشك ، ولا يصدق المضي والنقض إلاّمع اتحاد القضيتين موضوعاً ومحمولاً ، فاذا تيقنا بعدالة زيد مثلاً ، ثمّ شككنا في عدالة عمرو ، لا يكون الجري العملي ـ على طبق عدالة عمرو ـ مضياً على اليقين السابق ، وهو اليقين بعدالة زيد ، ولا عدم الجري عليه نقضاً له. وكذا في صورة اختلاف القضيتين في المحمول كما إذا تيقنا بعدالة زيد ثمّ شككنا في علمه مثلاً ، فترتيب آثار العلم لا يكون جرياً على اليقين السابق ولا عدمه نقضاً له ، وهذا ظاهر لا مجال لانكاره ، فليس تعبير العلماء عن هذا الشرط ببقاء الموضوع مبنياً على كفاية اتحاد القضيتين في الموضوع ، ولو كان المحمول فيهما مختلفاً ، فانّ هذاليس مرادهم قطعاً.
ولعل تعبيرهم ببقاء الموضوع مبني على أهمية الموضوع ، أو على أنّ المراد بقاء الموضوع بوصف الموضوعية ، وبقاؤه بوصف الموضوعية عبارة اخرى عن بقاء الموضوع والمحمول ، إذ لا يتصور بقاء الموضوع مع الوصف بدون المحمول.
أو على أنّ المراد من الموضوع هو الموضوع المأخوذ في أدلة الاستصحاب من المضي والنقض ، وبقاء هذا الموضوع أيضاً عبارة اخرى عن اتحاد القضيتين موضوعاً ومحمولاً ، وإلاّ لا يصدق المضي والنقض كما ذكرناه في الأمثلة المتقدمة.
وكيف كان ، اعتبار اتحاد القضيتين في الموضوع والمحمول يستفاد من نفس