وعلى الأوّل ، فقد يكون المحمول في القضية المتيقنة والمشكوك فيها ما هو من قبيل مفاد كان أو ليس التامة المعبّر عنهما بالمحمولات الأوّلية ، باعتبار أنّ كل متصور لا بدّ وأن يحمل عليه الوجود أو العدم ، لاستحالة ارتفاع النقيضين كاجتماعهما. فتارةً يكون المحمول هو الوجود ، كما إذا تيقّنا بوجود زيد ثمّ شككنا في بقائه ، واخرى يكون هو العدم كما إذا تيقّنا بعدمه ثمّ شككنا في بقائه وانقلابه إلى الوجود ، ففي مثل ذلك يكون الموضوع هو الماهية المجردة عن قيد الوجود والعدم ومحموله الوجود أو العدم ، فيقال : إنّ هذه الماهية كانت موجودة ، فشك في بقائها والآن كما كانت ، أو يقال : إنّ هذه الماهية كانت معدومة فشك في بقائها ، ومقتضى الاستصحاب بقاؤها. ولا يعقل في مثله اعتبار بقاء الموضوع في الخارج ، إذ مع العلم ببقاء زيد في الخارج لا يبقى مجال لجريان الاستصحاب ، لعدم الشك حينئذ في البقاء.
وقد يكون المحمول في القضيتين ما هو من قبيل مفاد كان أو ليس الناقصة المعبّر عنهما بالمحمولات الثانوية قبالاً للمحمولات الأوّلية ، فتشمل المحمولات الثالثية أو الرابعية وهكذا ، فمنها قيام زيد مثلاً ، فانّه لا يحمل عليه إلاّبعد حمل الوجود عليه ، ومنها سرعة حركة زيد ، فانّها متوقفة على حمل الحركة على زيد المتوقف على حمل الوجود عليه ، وهكذا سائر المحمولات المترتب بعضها على بعض في سلسلة الوجود ، فان جميعها من المحمولات الثانوية بهذا المعنى المقابل للمحمولات الأوّلية ، فاذا كان المحمول في القضيتين من هذا القبيل ، فهو على ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : ما يكون الشك في بقائه ناشئاً من الشك في بقاء الموضوع مع العلم ببقائه على تقدير بقاء الموضوع ، كما إذا شككنا في بقاء عدالة زيد للشك في حياته مع العلم بعدالته على تقدير حياته. القسم الثاني : ما لا يكون الشك في