ـ بحسب الوجود الخارجي ـ لا يمنع من جريان الاستصحاب فيهما معاً.
ولايخفى أنّه يجري في القسم الأوّل كل ما ذكرناه في القسم الثالث وبالعكس ، فيمكن جريان الاستصحاب فيهما بكيفيتين : ذكرنا إحداهما في القسم الأوّل ، والاخرى في القسم الثالث من باب التفنن. هذا كله في جريان الاستصحاب في الموضوعات.
أمّا جريانه في الأحكام ، فبيانه : أنّ الحكم المشكوك فيه تارةً يكون من الأحكام الجزئية كما في الشبهات الموضوعية. واخرى يكون من الأحكام الكلية ، وهذا على قسمين : لأنّ الشك في بقاء الحكم الكلي إمّا أن يكون في ناحية الجعل لاحتمال النسخ ، وإمّا أن يكون في ناحية المجعول فهذه هي أقسام ثلاثة :
أمّا إذا كان الشك في الحكم الجزئي ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، لكونه محكوماً بالأصل السببي ، إذ الشك في الحكم في الشبهات الموضوعية مسبب عن الشك في بقاء الموضوع ، فبجريان الأصل الموضوعي يترتب الحكم ولا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب في الحكم ، بل لا يجري الاستصحاب في الحكم ولو لم يجر الاستصحاب في الموضوع لمانع كابتلائه بالمعارض ، وذلك لعدم إحراز بقاء الموضوع ، فلم يحرز اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها.
وأمّا إذا كان الشك في الحكم الكلي لاحتمال النسخ ، فلا يجري الاستصحاب فيه ، لأنّ النسخ بمعنى الرفع مستحيل في حقه تعالى ، والنسخ بمعنى الدفع يرجع إلى الشك في حدوث التكليف لا في بقائه ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه ، فان كان لدليل الحكم إطلاق يتمسك به ويحكم ببقاء الحكم المجعول فهو ،