الثاني : أن يكون القيد من الحالات وغير دخيل في قوام الموضوع في نظر العرف ، كما إذا قال المولى : أكرم هذا القائم ، فشك في وجوب إكرامه بعد الجلوس ، فانّ العرف يرى القيام والقعود من الحالات ، بحيث لو ثبت وجوب الاكرام حال جلوسه كان بقاءً للحكم الأوّل لا حدوث حكم جديد. ولا إشكال في جريان الاستصحاب في هذا القسم ، كما هو ظاهر. هذا كله مع قطع النظر عما ذكرناه من معارضته باستصحاب عدم الجعل على ما تقدم بيانه (١).
الثالث : أن يشك في أنّ القيد مقوّم للموضوع أو من الحالات كالماء المتنجس بالتغير ، فبعد زوال التغير يشك في بقاء النجاسة ، لعدم العلم بأنّ التغير مقوّم لموضوع الحكم بالنجاسة ، أو من قبيل الحالات. وبعبارة اخرى الشك في أنّ التغير هل هو علة لثبوت النجاسة للماء ، فلا يكون بقاؤها منوطاً ببقائه ، أو قيد للموضوع لتكون النجاسة دائرة مداره وجوداً وعدماً.
وربما يكون الشك في بقاء الحكم في هذا القسم من جهة الشبهة المفهومية ، فانّها أيضاً من الشبهات الحكمية ، كما إذا شككنا في أنّ الغروب الذي هو الغاية لوقت صلاة الظهرين هل هو عبارة عن استتار القرص ، أو عن ذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس.
ولا يجري الاستصحاب في هذا القسم كما في القسم الأوّل ، إذ مع الشك في كون القيد الزائل مقوّماً للموضوع لم يحرز اتحاد القضيتين ، فلم يحرز صدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن الحكم السابق ، فيكون التمسك بأدلة الاستصحاب من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، بلا فرق بين الشبهة المفهومية وغيرها من الشبهات الحكمية. وكما لا يجري الاستصحاب الحكمي في
__________________
(١) في ص ٤٢ وما بعدها.