المشكوك فيها.
ومن هنا وقع الكلام بينهم في أنّ الموضوع المعتبر بقاؤه في جريان الاستصحاب هل هو مأخوذ من العقل ، أو من الدليل الشرعي ، أو من العرف. وليعلم أنّ الترديد بين الامور الثلاثة إنّما هو في الشبهات الحكمية فقط ، إذ الموضوع في الشبهات الموضوعية هي الامور الجزئية الخارجية ، وليس الدليل الشرعي متكفلاً ببيانها ، فانّه من المعلوم أنّ الدليل الدال على حرمة الخمر مثلاً لايدل على أنّ هذا المائع خمر أو ليس بخمر ، فلا يمكن أخذ الموضوع في الشبهات الموضوعية من الدليل الشرعي ، فالترديد فيها بين العقل والعرف.
وذكر الشيخ (١) قدسسره : أنّه لو اقتصر بالدقة العقلية ، لكان جريان الاستصحاب مختصاً بموارد الشك في الرافع.
وذكر صاحب الكفاية (٢) قدسسره : أنّه لو اقتصر بالدقة العقلية لما بقي لجريان الاستصحاب مورد أصلاً ، إذ لو لم يقع التغير في الموضوع بوجه من الوجوه ، لم يقع الشك في الحكم ، ومع التغير بانقلاب وجودٍ إلى العدم أو العكس ، لا يكون الموضوع باقياً بالدقة العقلية ، فلا يجري الاستصحاب.
ويرد على ظاهر كلام الشيخ ـ مضافاً إلى ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره ـ أنّ الشيخ قدسسره قائل باختصاص جريان الاستصحاب بموارد الشك في الرافع ، مع قطع النظر عن اعتبار وحدة الموضوع بالدقة العقلية ، فلا يلزم محذور من الالتزام بوحدة الموضوع بالدقة العقلية ، مع أنّه ذكر هذا الكلام ـ أي لو اقتصر بالدقة العقلية لكان الاستصحاب مختصاً بموارد الشك في الرافع ـ
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٩٣.
(٢) كفاية الاصول : ٤٢٧.