العلم ، وإلاّ يلزم التسلسل ، وقد ذكرنا (١) عند التعرض لحرمة العمل بالظن أنّ المراد حرمة العمل بما لا يرجع بالأخرة إلى العلم ، إمّا لكونه بنفسه مفيداً للعلم وإمّا للعلم بحجيته ، فبعد العلم بحجية الأمارات يكون رفع اليد عن المتيقن السابق لأجل قيام الأمارة من نقض اليقين باليقين ، فلا يبقى موضوع للاستصحاب.
وفيه : أنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» كون اليقين الثاني متعلقاً بارتفاع ما تعلق بحدوثه اليقين الأوّل ، ليكون اليقين الثاني ناقضاً لليقين الأوّل ، بل بعض الأخبار صريح في هذا المعنى ، وهو قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام» (٢) فجعل فيه الناقض لليقين بالطهارة اليقين برافعها وهو النوم. وليس اليقين الثاني في مورد قيام الأمارة متعلقاً بارتفاع ما تعلق به اليقين الأوّل ، بل بشيء آخر وهو حجية الأمارات ، فلا يكون مصداقاً لنقض اليقين باليقين ، بل من نقض اليقين بغير اليقين.
فتحصّل مما ذكرناه في المقام : أنّ تقديم الأمارات على الاستصحاب لا بدّ من أن يكون من باب الحكومة ، لما ظهر من بطلان التخصيص والورود ، وتقريب كونه من باب الحكومة يحتاج إلى بيان الفرق بين التخصيص والورود والحكومة.
فنقول : التخصيص هو رفع الحكم عن الموضوع بلا تصرف في الموضوع كقوله عليهالسلام : «نهى النبي صلىاللهعليهوآله عن بيع الغرر» (٣) فانّه
__________________
(١) في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ١٣٣.
(٢) تقدّمت الصحيحة في ص ١٤.
(٣) الوسائل ١٧ : ٤٤٨ / أبواب آداب التجارة ب ٤٠ ح ٣.