وهو أنّ الجزء عبارة عما تعلق به الأمر منضماً إلى سائر الأجزاء ، فانّ الأمر بالكل ينبسط إلى أوامر متعددة متعلقة بكل واحد من الأجزاء ، بخلاف الشرط فانّه لا يكون متعلقاً للأمر ، كيف وقد يكون غير مقدور للمكلف كالوقت ، فمعنى اشتراط المأمور به بشرط ، هو تعلق الأمر بالطبيعة المقيدة بوجوده على نحو يكون التقيد داخلاً والقيد خارجاً ، فمعنى اشتراط الصلاة بالطهارة هو تعلق الأمر بايجادها مقترنةً مع الطهارة.
إذا عرفت ذلك يظهر لك الجواب عن الاشكال المذكور ، فان مورد التعبد هو اقتران صلاة الظهر بالطهارة لا وجود الطهارة ، وهو وإن كان لازماً لاقتران الصلاة بها ، إلاّأ نّه لا يثبت اللوازم بهذه القاعدة كالاستصحاب ، فلا يلزم من إرجاع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز التعبد بوجود الطهارة وعدم الاحتياج إليها بالنسبة إلى الصلاة الآتية.
الوجه الثاني : ما ذكره المحقق النائيني (١) قدسسره ، وهو أنّ مورد قاعدة الفراغ هو الشك في صحة الكل ، كالشك في صحة الصلاة بعد الفراغ منها ، ومورد قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الجزء ، فجعل قاعدة الفراغ يحتاج إلى لحاظ الكل بالاستقلال ، ولحاظ الجزء بالتبع وبالتصور التبعي الاندكاكي ، وجعل قاعدة التجاوز يحتاج إلى لحاظ الجزء باللحاظ الاستقلالي ، فالجمع بين القاعدتين يستلزم تعلق اللحاظ الاستقلالي والتبعي بشيء واحد ، وهو مما لا يمكن.
ويمكن الجواب عنه بوجوه :
الأوّل : أنّه لا اختصاص لقاعدة الفراغ بالشك في صحة الكل ، بل تجري
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢١٢ ـ ٢١٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٢١ ـ ٦٢٢.