ناشئ من الشك في وجود الجزء أو الشرط ، فالتجاوز في مورد قاعدة الفراغ أيضاً هو التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه ، سواء كان جزءاً أو شرطاً ، فلا فرق بين قاعدة الفراغ والتجاوز من هذه الجهة ، ولا يلزم الجمع بين المعنى الحقيقي والعنائي.
الوجه الرابع : ما ذكره المحقق النائيني (١) قدسسره أيضاً ، وهو أنّ الجمع بين القاعدتين في جعل واحد يستلزم التدافع بينهما فيما إذا شك في جزء بعد الدخول في جزء آخر ، ولا يلزم ذلك لو كانتا مجعولتين بالاستقلال ، بيان ذلك : أنّه إذا شك في الركوع مثلاً بعد الدخول في السجود ، كان مقتضى مفهوم قاعدة الفراغ الاعتناء بالشك والاتيان بالمشكوك فيه ، لكونه قبل الفراغ من الصلاة. وقد صرّح بهذا المفهوم في قوله عليهالسلام : «إنّما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (٢) ومقتضى منطوق قاعدة التجاوز عدم الاعتناء بهذا الشك ، لكونه شكاً بعد الدخول في الغير ، وبعد التجاوز عن محل المشكوك فيه على الفرض ، وهذا هو التدافع. وأمّا على تقدير كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال فلا محذور ، إذ يقدّم منطوق قاعدة التجاوز على مفهوم قاعدة الفراغ بالحكومة أو بالتخصيص ، لأن أدلة قاعدة التجاوز واردة في موارد مفهوم قاعدة الفراغ ، فلو لم تقدّم قاعدة التجاوز على مفهوم قاعدة الفراغ ، لم يبق لقاعدة التجاوز مورد ، وبعد تقديم قاعدة التجاوز والحكم بتحقق الركوع في مفروض المثال لا يلزم محذور أصلاً.
والجواب عنه : أنّ الشك في صحة الصلاة في مفروض المثال مسبب عن
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢١٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٢٢.
(٢) الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.