العموم من لفظ «كل» يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة في مدخوله ـ قد أبطلناه في مبحث العام والخاص (١) بما ملخصه : أنّ لفظ «كل» موضوع للعموم ، فيكون قرينة على أنّ المراد من مدخوله مطلق الشيء لا خصوص الصلاة ، فاستفادة العموم من قوله عليهالسلام : «كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ...» لا يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة.
فتحصّل : أنّ قاعدة التجاوز ليست مختصة بباب الصلاة ، بل تجري في كل مركب شك في أحد أجزائه بعد الدخول في الجزء الآخر إلاّالوضوء للنص الخاص (٢) ، وفي إلحاق الغسل والتيمم به ـ في عدم جريان قاعدة التجاوز ـ كلام نتعرض له قريباً (٣) إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّه يعتبر في قاعدة التجاوز الدخول في الغير ، لكونه مأخوذاً فيها في صحيحة زرارة وموثقة إسماعيل بن جابر المتقدمتين (٤) ، مضافاً إلى أنّه لو لم يذكر الدخول في الغير فيهما لأمكن استفادة اعتباره منهما ، وذلك لأنّ المذكور فيهما هو الخروج عن الشيء والتجاوز عنه ، ولا يتصور الخروج عن الشيء حقيقة والتجاوز عنه كذلك مع فرض الشك في وجوده ، فلا محالة يكون المراد الخروج عن محله والتجاوز عنه من باب الاسناد المجازي ، أو باعتبار تقدير المحل. ولا يتحقق الخروج أو التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه إلاّبعد الدخول في غيره ، فيكون ذكر الدخول في الغير ـ بعد الخروج في الصحيحة
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٠٥ وما بعدها.
(٢) يأتي ذكره في ص ٣٤٤.
(٣) في ص ٣٤٥.
(٤) في ص ٣٣١ ـ ٣٣٢.