وبعد التجاوز في الموثقة ـ قيداً توضيحياً من العطف التفسيري ، فاعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز مما لا ينبغي الارتياب فيه.
إنّما الكلام في اعتباره في قاعدة الفراغ ، والكلام فيه يقع في مقامين : الأوّل : في المقتضي ، والبحث عن شمول إطلاق الدليل لموارد عدم الدخول في الغير. الثاني : في المانع ، والبحث عمّا يصلح لتقييد الدليل وتخصيصه بموارد الدخول في الغير بعد الالتزام باطلاقه.
أمّا المقام الأوّل : فقد قيل بعدم إطلاق الأدلة ، واستدل له بوجوه :
الوجه الأوّل : أنّ المطلق منصرف إلى الأفراد الغالبة ، فلا يشمل الفرد النادر ، والغالب في الشك في الصحة بعد الفراغ هو الشك بعد الدخول في الغير.
وفيه : أنّ الممنوع هو اختصاص الحكم بالفرد النادر لا شموله له ، إذ كون الفرد نادراً لا يوجب خروجه عن الطبيعة المطلقة ، ولذا لا مجال لتوهم اختصاص الحكم بعدم جواز الصلاة في أجزاء غير المأكول بأجزاء الحيوانات التي يبتلي المكلف بها غالباً ، فانّ إطلاق قوله عليهالسلام : «وإن كان مما قد نهيت عن أكله ، فالصلاة في كل شيء منه فاسد» (١) يشمل الحيوانات النادرة أيضاً كالكركدن مثلاً.
الوجه الثاني : أنّ شمول الاطلاق في مثل قوله عليهالسلام في موثقة ابن بكير : «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» (٢) للشك قبل الدخول في الغير يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة على ما تقدم نقله عن صاحب
__________________
(١) تقدّمت الرواية في ص ٣٣٧.
(٢) تقدّمت الرواية في ص ٣٣٤.