فيجب غسل الجانب الأيمن بعد الجانب الأيسر أو قبله ، ويكون هذا الشك بمنزلة الشك في غسل اليد حين الاشتغال بغسل الرجل من جانب واحد ، فانّه لا إشكال في عدم جريان قاعدة التجاوز ، لعدم الترتيب بين الأعضاء من جانب واحد ، فيجب غسل اليد بعد الفراغ من غسل الرجل أو قبله.
الأمر الثاني : بعد ما عرفت من عدم جريان قاعدة التجاوز في أجزاء الوضوء بالنص والاجماع ، فهل تلحق بها قاعدة الفراغ في عدم جريانها في أجزاء الوضوء أم لا.
التحقيق هو الثاني ، لعموم الأدلة وعدم المانع عن العمل بها. أمّا عموم الأدلة ، فقد تقدّم (١). وأمّا عدم المانع ، فلأن عمدة الأدلة المانعة عن جريان قاعدة التجاوز في الوضوء هي قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة المتقدمة (٢) : «فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه ...» إلخ ، ومفادها وجوب الاعتناء بالشك والاتيان بالمشكوك فيه فيما إذا كان الشك في أصل الغسل أو المسح ، لا ما إذا كان الشك في صحة الغسل أو المسح. فالصحيحة تدل على عدم جريان قاعدة التجاوز فقط في الوضوء ، لا على عدم جريان قاعدة الفراغ أيضاً ، فاذا شك في غسل الوجه ـ مع الاشتغال بغسل اليد اليسرى مثلاً ـ يجب غسل الوجه مع ما بعده لعدم جريان قاعدة التجاوز. وأمّا إذا شك في صحة غسل الوجه كما إذا شك في وقوعه من الأعلى مثلاً ، فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ والحكم بالصحة.
ولا فرق في جريان قاعدة الفراغ في أجزاء الوضوء بين الجزء الأخير
__________________
(١) في ص ٣٢٢ ، ٣٣٢.
(٢) في ص ٣٤٤.