الروايات عدم الاعتناء بالشك في الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ من المشكوك فيه ، سواء كان من أجزاء الوضوء أو من غيرها ، فمورد الاجتماع هو الشك في صحة جزء من الوضوء بعد الفراغ منه ، وقبل الفراغ من الوضوء. ولا ينبغي الشك في تقدم تلك الروايات على الموثقة ، إذ دلالتها بالعموم ، ودلالة الموثقة بالاطلاق.
الأمر الثالث : بعد ما ذكرناه من أنّ الدخول في الغير معتبر في قاعدة التجاوز لا بدّ من تحقيق معنى الغير ، وأ نّه بماذا يتحقق ، ويقع الكلام في مقامين : المقام الأوّل : في الشك في الجزء الأخير. المقام الثاني : في الشك في غيره من الأجزاء.
أمّا المقام الأوّل فتفصيل الكلام فيه : أنّ الشك في الجزء الأخير يتصور على وجوه :
الأوّل : أن يشك فيه مع عدم الاشتغال بشيء وعدم تحقق السكوت الطويل الموجب لفوات محل التدارك. ولا مجال فيه لجريان قاعدة التجاوز ، لعدم الدخول في الغير على الفرض ، فلا يصدق التجاوز عن المحل. وكذا لا تجري قاعدة الفراغ أيضاً ، لاحتمال كونه في أثناء العمل ، فلم يحرز الفراغ ، وهذا واضح.
الثاني : أن يشك في الجزء الأخير مع الاشتغال بأمر غير مرتب على الجزء الأخير وغير مانع من تداركه. والحكم فيه هو الحكم في الوجه السابق ، فلا تجري فيه قاعدة التجاوز ، لعدم تجاوز المحل وإمكان التدارك. ولا قاعدة الفراغ للشك في تحقق الفراغ واحتمال كونه في أثناء العمل على ما تقدّم. ومن هذا القبيل ما إذا أتى بشيء من المنافيات التي لا يكون الاتيان بها سهواً موجباً