وبالجملة : لا مجال لتوهم اختصاص القاعدة بالأمثلة المذكورة في الصحيحة والموثقة بعد عموم الجواب في كلام الإمام عليهالسلام ، بل تجري في جميع الأجزاء المستقلة ومنها الحمد والسورة ، فلا مانع من جريان قاعدة التجاوز عند الشك في الحمد بعد الدخول في السورة ، فانّ جزئية الحمد ثابتة بقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلاّبفاتحة الكتاب» (١) وجزئية السورة ثابتة بأدلة اخرى دالة على وجوب قراءة سورة تامة بعد الحمد ، فاعتبر الحمد بحسب الدليل الشرعي جزءاً ، والسورة جزءاً آخر وإن كانت القراءة بأجمعها قد تعد جزءاً واحداً وهي شاملة لهما ، فتجري القاعدة عند الشك في الحمد بعد الدخول في السورة. ولا ينافي ذلك أنّ المذكور في الصحيحة جريان القاعدة عند الشك في القراءة بعد الدخول في الركوع ، لأنّ المفروض فيها هو الشك في جميع القراءة من الحمد والسورة ، فلا محالة جريان القاعدة فيه متوقف على الدخول في الركوع ، فلا منافاة بينه وبين جريانها فيما إذا شك في الحمد وحده بعد الدخول في السورة باعتبار عموم الجواب كما ذكرناه.
وهل تجري قاعدة التجاوز فيما إذا شك في آية بعد الدخول في آية اخرى أم لا. الظاهر جريانها فيه ، إذ يصدق عليه الشك في الشيء بعد التجاوز عنه والدخول في غيره.
واختار المحقق النائيني (٢) قدسسره عدم الجريان ـ بعد ما بنى عليه من رجوع قاعدة التجاوز إلى قاعدة الفراغ ـ بدعوى أنّ قاعدة الفراغ مختصة بالشك في الكل ، وإنّما تجري في الأجزاء المستقلة في باب الصلاة لدليل خاص
__________________
(١) المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥ و ٨.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٣٤ ـ ٦٣٥.