(قدسسره) (١).
وأمّا التفصيل الثاني : الذي تفرَّد به الشيخ (٢) قدسسره فهو التفصيل بين الحكم الثابت بالدليل الشرعي كالكتاب والسنّة والاجماع ، والحكم الثابت بالدليل العقلي ، فأنكر حجية الاستصحاب في الثاني. والوجه في هذا التفصيل ـ على ما ذكره الشيخ قدسسره بتوضيح منّا ـ أنّه لا بدّ في جريان الاستصحاب من اتحاد الموضوع في القضيتين ، فانّه لولا اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة ، لا يصدق نقض اليقين بالشك ، وحيث إنّه مع بقاء الموضوع بجميع خصوصياته وعدم عروض التغير فيه أصلاً لا يمكن عروض الشك في الحكم ، فلا بدّ من حدوث تغير ما بحيث يوجب الشك في الحكم ، فانّه مع بقاء التغير في الماء المتنجس بالتغير وعدم حدوث شيء يحتمل كونه مطهراً له كتتميمه كراً لا يمكن الشك في طهارته ، وهذا التغير الذي أوجب الشك في الحكم تارةً يوجب تعدد الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة ، فلا يجري الاستصحاب فيه ، واخرى لا يوجبه ، فلا مانع من جريانه.
فإن كان الحكم ثابتاً بالدليل الشرعي ، فالمرجع في اتحاد الموضوع في القضيتين وصدق نقض اليقين بالشك هو العرف. ففي موردٍ حكم العرف بتعدد الموضوع لا يصدق نقض اليقين بالشك ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه ، وفي موردٍ حكم العرف بوحدة الموضوع في القضيتين وصدق النقض يجري فيه الاستصحاب ، ونظر العرف في ذلك مختلف ، فربّما يحكم بكون وصفٍ تمام
__________________
(١) مشارق الشموس : ٧٥ ـ ٧٧.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٥٤ ، راجع أيضاً التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ص ٦٥٠.