ومن القسم الأوّل ـ الذي تجري فيه قاعدة الفراغ ـ ما لو صلى أحد بلا سورة مثلاً مدةً من عمره ، وشك في صحتها من جهة الشك في أنّه هل صلى بلا سورة تقليداً لمن أفتى بعدم وجوبها ، أم صلى بلا تقليد ، فانّ صورة العمل وإن كانت محفوظةً ظاهراً ، إلاّأنّ الشك راجع إلى أمر اختياري له ، وهو الاستناد إلى التقليد ، ففي الحقيقة صورة العمل غير محفوظة. وكذالو صلى المسافر تماماً ثمّ شك في أنّه أتم الصلاة مع نية الاقامة أم بدونها ، فانّ الشك فيه أيضاً راجع إلى أمر اختياري له ، وهو صدور نية الاقامة ، فلا تكون صورة العمل محفوظة حقيقة وإن كانت محفوظة ظاهراً. وبالجملة كل مورد يرجع الشك فيه إلى ما يصدر منه اختياراً ، فهو مورد لجريان قاعدة الفراغ.
الأمر السادس : أنّه لا فرق في جريان قاعدة الفراغ ـ فيما إذا شك في صحة العمل وفساده بعد الفراغ منه ـ بين الشك في الجزء والشك في الشرط ، لعموم قوله عليهالسلام : «كل ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» (١).
أمّا الشك في الجزء فقد مضى الكلام فيه في الجزء الأخير وغيره من الأجزاء وملخصه : أنّ الشك المتعلق بالجزء إن كان في صحته بعد العلم بتحققه ، تجري قاعدة الفراغ ، وإن كان في وجوده ، فإن كان الشك بعد تجاوز المحل لا يعتنى به لقاعدة التجاوز ، وإن كان الشك في المحل ، لا بدّ من الاعتناء به والاتيان بالمشكوك فيه ، وقد اتضح كل ذلك مما تقدّم.
وأمّا الشك في الشرط ، فملخص الكلام فيه أنّ الشرط على أقسام ثلاثة : لأ نّه إمّا أن يكون مما قد اعتبر تحققه قبل العمل ، فيكون محله حسب الجعل الشرعي مقدّماً على المشروط ، كالاقامة بناءً على كونها شرطاً للصلاة على
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ٣.