وأمّا النية بمعنى قصد العنوان ، فهي من الامور المعتبرة عقلاً ، لتوقف صدق عنوان المأمور به على قصده ، فلو شك بعد الفراغ من ذات العمل في أنّه أتى به بقصد عنوان المأمور به أم لا ، كما إذا أتى بركعتين من الصلاة ثمّ شك بعد الفراغ في أنّه أتى بهما بعنوان صلاة الصبح مثلاً أو أتى بهما للتمرين مثلاً ، فلا مجال لجريان قاعدة الفراغ ، إذ الشك في قصد العنوان شك في وجود المأمور به ، لعدم تحقق عنوان الصلاة إلاّبالقصد ، فلا بدّ من الاعتناء بالشك والاتيان بالمأمور به لقاعدة الاشتغال ، وله فروع كثيرة في الفقه :
منها : ما لو شك بعد الارتماس في الماء في أنّه قصد به الغسل أو أتى به للتبريد مثلاً ، فلا تجري قاعدة الفراغ على ما ذكرناه. وكذالو شك في أثناء الصلاة في قصد العنوان بالنسبة إلى الأجزاء السابقة ، كما إذا شك بعد الدخول في الركوع في أنّه أتى بالقراءة بقصد عنوان الصلاة أم بعنوان آخر ، لا تجري قاعدة الفراغ ، لكون الشك شكاً في الوجود على ما ذكرناه.
نعم ، لو كان محرزاً لقصد العنوان في الجزء الذي هو مشغول به فعلاً ، وشك في قصد العنوان بالنسبة إلى الأجزاء السابقة ، كما إذا علم بأ نّه قصد عنوان الصلاة في الركوع مع الشك في قصد العنوان بالنسبة إلى القراءة ، لا مانع من جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الأجزاء السابقة ، لكون الشك بالنسبة إليها شكاً في الوجود بعد الدخول في الغير ، فيكون مورداً لقاعدة التجاوز.
فرع
ذكر في أوّل ختام العروة (١) ما حاصله : أنّه إذا شك في أثناء الصلاة في أنّه
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ٦٤٥ / المسألة الاولى.