أتى بها بعنوان الظهر أو العصر ، فإن كان عالماً بعدم الاتيان بصلاة الظهر أو شاكاً فيه ، فيجعلها ظهراً بلا إشكال فيه ، إذ على تقدير قصد عنوان الظهر في الواقع فهو ، وعلى تقدير قصد عنوان العصر يعدل إلى الظهر ، لعدم الاتيان به علماً أو تعبداً. وأمّا إن كان عالماً باتيان صلاة الظهر ، فيحكم ببطلان صلاته ، إذ على تقدير قصد عنوان الظهر في الواقع لا يصح العدول إلى العصر ، فيكون شكه في قصد عنوان العصر شكاً في الوجود مع عدم تجاوز المحل ، فلا تجري قاعدة التجاوز ، فلا بدّ من الاعتناء بالشك واستئناف العمل ، انتهى ملخص ما في العروة.
وظهر بما ذكرناه الحكم بصحة صلاته في بعض الصور ، وهو ما إذا كان محرزاً لقصد عنوان العصر في الجزء الذي هو مشغول به فعلاً ، مع الشك في قصد العنوان بالنسبة إلى الأجزاء السابقة ، لجريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الأجزاء السابقة على ما ذكرناه.
الأمر التاسع : أنّ جريان قاعدة التجاوز والفراغ مختص بما إذا كان الشك ناشئاً من احتمال الغفلة والسهو ، فلا مجال لجريانهما فيما إذا احتمل ترك الجزء أو الشرط عمداً ، لما ذكرناه (١) من أنّهما ليستا من القواعد التعبدية ، بل إمضاء لقاعدة ارتكازية عقلائية وهي أصالة عدم الغفلة ، لظهور حالهم حين الامتثال في عدم الغفلة ، ولا يستفاد من الأدلة أزيد من هذا المعنى. مضافاً إلى دلالة التعليل المذكور في بعض الروايات على الاختصاص ، فانّ كونه أذكر إنّما ينافي الترك السهوي لا الترك العمدي كما هو واضح ، ففي موارد احتمال الترك العمدي لا تجري قاعدة الفراغ ولا قاعدة التجاوز ، بل لا بدّ من الرجوع إلى أصل آخر.
__________________
(١) في أوّل هذا البحث ص ٣١٥.