وهذا الدليل أيضاً أخص من المدعى ، لأن استقامة سوق المسلمين متوقفة على العمل بأصالة الصحة في العقود والايقاعات فقط ، إذ لو لم يعمل بها في العبادات بل في المعاملات بالمعنى الأعم كالطهارة والنجاسة ، لم يلزم اختلال في السوق أصلاً.
الرابع : دعوى السيرة القطعية من جميع المسلمين المتدينين على ترتيب آثار الصحة على أعمال الناس من العبادات والمعاملات والعقود والايقاعات ، ولذا لايقدم أحد على تزويج امرأة لاحتمال كون العقد الواقع بينها وبين زوجها باطلاً.
وهذه السيرة متصلة بزمان المعصوم عليهالسلام ولم يردع عنها.
وهذا الدليل هو الدليل التام الوافي في إثبات المقام.
الجهة الثالثة : أنّ المراد من الصحة في المقام هي الصحة الواقعية لا الصحة عند العامل على ما نسب إلى المحقق القمي قدسسره (١) وذلك لقيام السيرة على ترتيب آثار الواقع على العمل الصادر من الغير ، والصحة عند العامل لا توجب ترتب الآثار عند الحامل على الصحة ، فان أصالة الصحة لا تكون أزيد من العلم بالصحة. والعلم بصحة العمل عند العامل لا يوجب ترتب الأثر عند غيره ، فلو علم المأموم ببطلان صلاة إمامه باجتهاد أو تقليد ، أو من جهة إخلال الإمام بها من جهة الشبهة الموضوعية ، لم يجز الائتمام به وإن كانت الصلاة صحيحة عند الإمام.
الجهة الرابعة : أنّ الحمل على الصحة ـ باعتبار العلم بحال العامل وعدمه من حيث علمه وجهله بالصحة ـ يتصور على صور :
__________________
(١) القوانين ١ : ٥١.