الآثار بلا تفحص عن الموافقة والمخالفة. وأمّا مع العلم بالمخالفة فتارةً تكون المخالفة بينهما بالتباين ، بأن يكون الصحيح عند أحدهما فاسداً عند الآخر ، ولا مجال للحمل على الصحة في مثله ، إذ مفاد أصالة الصحة هو الحمل على الصحة عند الحامل ، لعدم ترتب الأثر على الصحة عند العامل على ما ذكرناه (١). والحمل على الصحة عند الحامل يكون حملاً على الفساد عند العامل ، فيكون مخالفاً لظاهر حاله. واخرى لاتكون المخالفة بينهما بالتباين ، كما إذا رأى أحدهما اشتراط العمل بشيء ، والآخر عدم اشتراطه به ، لا كونه مانعاً كما في تثليث التسبيحات الأربعة ، فيرى أحدهما اعتباره في الصلاة ، والآخر عدمه ، لا أنّه مبطل لها ، فيكون الصحيح عند أحدهما باطلاً عند الآخر دون العكس.
وفي مثله يظهر من كلام شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره جريان أصالة الصحة.
وللمناقشة فيه مجال ، لعدم إحراز قيام السيرة فيه ، وبمجرد الشك في قيام السيرة تسقط أصالة الصحة ، لعدم الدليل عليها ، فلو رأى أحد اعتبار تثليث التسبيحات في الصلاة ، لا يجوز له الاقتداء بمن يرى عدم اعتباره فيها عملاً بأصالة الصحة. نعم ، لو رأى اعتباره في خصوص حال العلم ، يجوز له الاقتداء بمن لا يرى اعتباره أصلاً ، لا لأصالة الصحة ، بل لكون صلاته صحيحة حينئذ عند المأموم أيضاً ، بلا احتياج إلى إعمال أصالة الصحة.
الجهة الخامسة : أنّ الشك في الصحة إمّا أن يكون من جهة الشك في قابلية الفاعل ، وإمّا أن يكون من جهة الشك في قابلية المورد ، وإمّا أن يكون من جهة
__________________
(١) في الجهة الثالثة ص ٣٩١.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٧٢١.