في بقائه كما إذا شك في بقاء الاضرار في السم الذي حكم العقل بقبح شربه ، يجري استصحاب الضرر ، ويحصل منه الظن بالضرر ، فيحكم بالحرمة الشرعية.
وفيه أوّلاً : عدم إفادة الاستصحاب الظن بالضرر لا شخصياً ـ كما اعترف هو به (١) ـ ولا نوعياً.
وثانياً : أنّ الحرمة الشرعية ليست منوطة بالظن بالضرر ، بل بخوف الضرر ، وهو ينطبق على مجرد الشك والاحتمال العقلائي ، هذا في الضرر. وأمّا غيره فاذا شك في بقاء موضوع حكم العقل كما إذا حكم العقل بحسن إكرام العالم العادل مثلاً ، وحكم الشرع بوجوب إكرامه بقاعدة الملازمة ، وكان زيد عالماً عادلاً ، ثمّ شككنا في بقاء عدالته ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب والحكم بعدالته بالتعبد الشرعي فيحكم بوجوب إكرامه.
التفصيل الثالث في حجية الاستصحاب : هو التفصيل بين الأحكام الكلية الإلهية وغيرها من الأحكام الجزئية والموضوعات الخارجية ، وهو الذي اختاره الفاضل النراقي في المستند (٢) ، فيكون الاستصحاب قاعدة فقهية مجعولة في الشبهات الموضوعية ، نظير قاعدتي الفراغ والتجاوز وغيرهما من القواعد الفقهية ، وهذا هو الصحيح. وليس الوجه فيه قصور دلالة الصحيحة وغيرها من الروايات ، لأن عموم التعليل في الصحيحة والاطلاق في غيرها شامل للشبهات الحكمية والموضوعية ، واختصاص المورد بالشبهات الموضوعية لايوجب رفع اليد عن عموم التعليل ، بل الوجه في هذا التفصيل أنّ الاستصحاب في الأحكام الكلية معارض بمثله دائماً ، بيانه :
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٧٨.
(٢) مستند الشيعة ٢ : ٤٩٥ ، ولمزيد الاطلاع راجع مناهج الأحكام : ٢٤٢.