ما يدل على وجوب خمس شياه في الخمس والعشرين ، وما يدل على وجوب بنت مخاض في الست والعشرين ، هذا محصّل كلامه زيد في علو مقامه.
ولم يتضح لنا وجهٌ لكون هذا المثال من باب التزاحم ، فانّه من قبيل تعارض الدليلين في مسألة الظهر والجمعة بعينه ، إذ لا تنافي بين ما يدل على وجوب الظهر وما يدل على وجوب الجمعة ، لامكان الجمع بينهما ، ولكنّ التنافي بينهما إنّما هو من جهة الدليل الخارجي ، وهو الاجماع والضرورة القاضية بعدم وجوب ست صلوات في يوم واحد كما تقدم. فالصحيح إدخال المثال المذكور في التعارض دون التزاحم ، وانحصار التزاحم بما إذا كان المكلف عاجزاً عن امتثال الحكمين معاً.
ثمّ إنّه ينبغي التعرض لبعض مرجحات باب التزاحم ، فنقول : إنّهم ذكروا لترجيح أحد المتزاحمين على الآخر اموراً :
الأوّل : كون أحدهما مما لا بدل له ، فيرجّح على ما يكون له البدل ، سواء كان البدل طولياً أو عرضياً.
والأوّل كالواجب الموسع ، فاذا وقعت المزاحمة بينه وبين الواجب المضيق ، وجب ترجيح المضيق بلا لحاظ الأهمية بينه وبين الموسع ، بل ولو كان الموسع بمراتب من الأهمية بالنسبة إلى المضيّق ، كالصلاة بالنسبة إلى جواب السلام مثلاً ، فانّه لا شبهة في كونها من أهم الفرائض وعمود الدين كما في الخبر (١) ، ومع ذلك يجب تقديم جواب السلام عليها ، لما لها من البدل الطولي باعتبار الزمان.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٧ / أبواب أعداد الفرائض ب ٦ ح ١٢.