الأمر بين الاتيان بالصلاة في مكان يتمكّن فيه من القيام دون الركوع والسجود لضيقه ، والاتيان بها في مكان يتمكن فيه منهما دون القيام لكون سقفه نازلاً ، فالمكلف مخير بين المكانين إذالم يتمكن من الاحتياط باتيان الصلاة فيهما. وكرّر هذا الفرع في مبحث القيام (١). واختار فيه أيضاً ما ذكره في مبحث مكان المصلي من التخيير.
وذكر المحقق النائيني قدسسره في حاشيته (٢) ، على أحد الموضعين : أنّه يجب تقديم القيام ، وعلى الموضع الآخر أنّه يجب تقديم الركوع والسجود. ونظره في الأوّل إلى كون القيام مقدّماً زماناً على الركوع والسجود ، وفي الثاني إلى كون الركوع والسجود أهم من القيام ، وعلى كل حال بين كلاميه تدافع ظاهر.
والتحقيق أنّ أمثال هذه المقامات ـ مما يكون الواجب فيها من الواجبات الضمنية ، لكونه جزءاً من مركب أو شرطاً ـ خارجة عن التزاحم موضوعاً ، فلو دار الأمر بين جزأين من واجب واحد ، أو بين شرطيه ، أو بين جزء وشرط منه ، لا يصح الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم ، والوجه في ذلك : أنّ الواجب هو المركب من جميع الأجزاء والشرائط ، وبعد تعذر جزء أو شرط يسقط الوجوب رأساً ، ولا تصل النوبة إلى التزاحم ، إذ الوجوب الأوّل كان متعلقاً بالمجموع وقد سقط بالتعذر ، ووجوب الباقي يحتاج إلى دليل ، ولذالو اضطر الصائم إلى الافطار في بعض آنات اليوم ، لم يلتزم أحد من الفقهاء
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ٤٦٦ المسألة ١٧ [١٤٧٧]
(٢) العروة الوثقى (المحشّاة) ٢ : ٤٨٥ ، ٣٨٤