وأمّا على القول بالسببية والموضوعية فذكر شيخنا الأنصاري (١) قدسسره وتبعه بعض المتأخرين أنّه عليه يدخل التعارض في باب التزاحم ، فلا بدّ من الأخذ بأحدهما تعييناً أو تخييراً.
أقول : قد يقال بحجية الأمارات من باب السببية بمعنى المصلحة السلوكية على ما التزم به بعض الإمامية في مقام العجز عن جواب استدلال ابن قبة لحرمة العمل بالظن بلزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال ، وملخّصه على ما ذكره الشيخ قدسسره في بحث حجية الظن (٢) : أنّ تطبيق العمل على الأمارة ذو مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع ، وحيث إنّ المصلحة السلوكية تابعة للسلوك على طبق الأمارة ، فهي تتفاوت بتفاوت مقدار السلوك قلةً وكثرة ، فاذا فرض قيامها على وجوب صلاة الجمعة وعمل بها المكلف ، فانكشف خلافها قبل خروج الوقت ، وأنّ الواجب في يوم الجمعة هي صلاة الظهر ، فلا بدّ حينئذ من إتيان صلاة الظهر ، ولا يتدارك بالأمارة القائمة على وجوب صلاة الجمعة إلاّالمصلحة الفائتة بالعمل بها ، وهي مصلحة الصلاة في أوّل وقتها. وأمّا مصلحة أصل صلاة الظهر أو مصلحة إتيانها في الوقت ، فلا يتدارك بها ، لعدم فوتهما بسبب السلوك على طبق الأمارة ، لتمكن المكلف من إتيانها في وقتها بعد انكشاف خلاف الأمارة. ولو فرض انكشاف الخلاف بعد خروج الوقت ، فيتدارك بها مصلحة الصلاة في الوقت دون مصلحة أصل الصلاة ، لتمكن المكلف من تداركها بعد خروج الوقت بقضائها. نعم ، لو لم ينكشف الخلاف أصلاً لا في الوقت ولا في خارجه ، يتدارك بها مصلحة أصل
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٦١ ـ ٧٦٢.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٩١.