معارض للعام ، فلا بدّ من ملاحظة النسبة بين العام ومعارضه بعد إخراج ما يشمله المخصص ، لأنّ العام لا يكون حجةً بالنسبة إلى ما خرج منه بالمخصص ، فالتصديق بانقلاب النسبة لا يحتاج إلى أزيد من تصوره ، وحيث إنّ بحث انقلاب النسبة كثير الابتلاء في الفقه ، لأنّ التعارض في كثير من أبواب الفقه بين أكثر من دليلين ، فلا بدّ لنا من التعرض لصور انقلاب النسبة ، وتمييزها عن الصور التي لا تنقلب النسبة فيها ، فنقول :
التعارض بين أكثر من دليلين على أنواع :
النوع الأوّل : ما إذا قام دليل عام ومخصصان منفصلان. وهذا النوع يتصور بصور ثلاث : لأنّ النسبة بين المخصصين إمّا أن تكون هي التباين ، أو العموم من وجه ، أو العموم المطلق. مثال الصورة الاولى : قوله تعالى : (... وَحَرَّمَ الرِّبا ...)(١) بملاحظة ما يدل على أنّه لا ربا بين الوالد والولد ، وما يدل على أنّه لا ربا بين الزوج وزوجته ، وكذا بين السيد ومملوكه (٢). ومثال الصورة الثانية : ما إذا قال المولى : أكرم العلماء ثمّ قال : لا تكرم العالم الفاسق ، وقال أيضاً : لا تكرم العالم الشاعر. ومثال الصورة الثالثة : ما إذا قال المولى : أكرم العلماء ثمّ قال : لا تكرم العالم العاصي لله سبحانه ، وقال أيضاً : لا تكرم العالم المرتكب للكبائر.
أمّا الصورة الاولى : فلا إشكال في وجوب تخصيص العام بكلا المخصصين فيها ، بلا فرق بين القول بانقلاب النسبة والقول بعدمه ، إذ لا يفترق الحال بين لحاظ العام مع كلا المخصصين في عرض واحد ، وبين لحاظه مع أحدهما بعد
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٢) الوسائل ١٨ : ١٣٥ ـ ١٣٦ / أبواب الربا ب ٧.