بقي الكلام في الاشكالات التي ذكروها في المقام :
الأوّل : ما أورده الفاضل النراقي (١) على نفسه ، وهو أنّه يعتبر في الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، لقوله عليهالسلام : «لأ نّك كنت على يقين من طهارتك فشككت» فانّ الفاء يدل على التعقيب واتصال الشك باليقين ، ولازم ذلك عدم جريان استصحاب عدم الجعل ، لأنّ الشك في حرمة الوطء بعد انقطاع الدم متصل باليقين بحرمة الوطء لا باليقين بعدم حرمته ، لأنّ اليقين بعدم الحرمة قد انتقض باليقين بالحرمة ، فلا مجال لجريان استصحاب عدم جعل الحرمة بالنسبة إلى ما بعد الانقطاع.
وأجاب عنه بأنّ اليقين بعدم الحرمة بالنسبة إلى ما بعد الانقطاع لم ينتقض باليقين بالحرمة ، نعم اليقين بعدم الحرمة بالنسبة إلى زمان وجود الدم قد انتقض باليقين بالحرمة ، وأمّا اليقين بعدم الحرمة بالنسبة إلى ما بعد الانقطاع فهو باقٍ بحاله حتى بعد اليقين بالحرمة حال رؤية الدم ، فالشك في الحرمة متصل باليقين بعدم الحرمة ، فلا مانع من جريان استصحاب عدم جعل الحرمة بالنسبة إلى ما بعد الانقطاع.
واعترض عليه المحقق النائيني (٢) قدسسره بأ نّه لا يعتبر اتصال زمان الشك باليقين وإنّما المعتبر اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن ، وفي استصحاب عدم الجعل ليس المشكوك فيه متصلاً بالمتيقن ، لفصل المتيقن الآخر بينهما ، فانّ المتيقن الأوّل هو عدم الحرمة ، والمتيقن الثاني هو الحرمة ، والمشكوك فيه متصل
__________________
(١) مناهج الأحكام : ٢٤٢.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ١١١.