مخصص أصلاً وعام آخر اتصل به أخص الخاصين ، كما إذا ورد في رواية أنّه يجب إكرام العلماء ، وفي رواية اخرى أنّه يجب إكرام العلماء إلاّالعالم المرتكب للكبائر ، وفي ثالثة أنّه يحرم إكرام العالم العاصي ، فهل يعامل معاملة المخصص المنفصل وتخصيص العام بكلا المخصصين باعتبار انفصالهما عن العام الأوّل ، أو يعامل معاملة المخصص المتصل باعتبار اتصال أخص الخاصين بالعام الثاني ، فيخصص العام الأوّل بالمخصص المتصل بالعام الثاني ، ثمّ تلاحظ النسبة بينه وبين المخصص المنفصل ، وهي العموم من وجه ، فتقع المعارضة بينهما في مادة الاجتماع ، فيعامل معهما معاملة المتعارضين؟
اختار المحقق النائيني قدسسره (١) الثاني ، لوجهين :
الوجه الأوّل : أنّ العام الأوّل قد تخصص بالمخصص المتصل بالعام الثاني يقيناً ، لعدم المعارضة بين الخاصين بالنسبة إلى المقدار المشمول للأخص منهما ، فيكون مفاد العام الأوّل عين مفاد العام الثاني المتصل به أخص الخاصين ، ومن الظاهر أنّ النسبة بينه وبين الخاص الآخر المنفصل العموم من وجه.
الوجه الثاني : أنّ الخاص المنفصل بنفسه مبتلىً بالمعارض وهو العام الثاني المتصل به أصل الخاصين ، فلا يكون صالحاً لتخصيص العام الأوّل ، انتهى ملخص كلامه قدسسره.
أقول : أمّا الوجه الأوّل ، فقد ظهر ما فيه مما تقدم من أنّه لا وجه لتخصيص العام بأحد المخصصين أوّلاً ثمّ ملاحظة النسبة بينه وبين الخاص الآخر على ما تقدم. وأمّا الوجه الثاني فهو وإن كان صحيحاً ، إلاّأ نّه لا ينتج التعارض بين العام الأوّل والخاص المنفصل ، فانّه بعد ابتلاء الخاص المنفصل
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، فوائد الاصول ٤ : ٧٤٤ ـ ٧٤٥.