المعنى المؤول إليه غريب منه ، فانّه لا دليل على وجوب التأويل والعمل على المعنى المؤول إليه ، مع احتمال أن يكون المراد منهما غير ما أوّلناهما إليه.
وأمّا إن كان أحدهما قطعي الصدور والآخر ظنياً ، كما إذا وقع التعارض بين ظاهر آية والخبر الواحد المظنون صدوره ، أو وقع التعارض بين خبر متواتر والخبر المظنون صدوره ، فلا بدّ من الأخذ بظاهر الآية أو ظاهر الخبر المقطوع صدوره ، وطرح خبر الواحد بمقتضى الأخبار الكثيرة الدالة على طرح الخبر المخالف للكتاب أو السنّة ، وليس ذلك من جهة ترجيح ظاهر الكتاب أو السنّة على الخبر الواحد المخالف لهما ، بل من جهة أنّ الخبر الواحد ـ المخالف لهما بنحو لا يمكن الجمع بينه وبينهما ـ لا يكون حجة بمقتضى قوله عليهالسلام : «إنّه زخرف وباطل ، أو لم نقله ، أو فاضربوه على الجدار» (١) إلى غير ذلك من العبارات الدالة على عدم حجية الخبر المذكور ، سواء جاء به عادل أم فاسق ، ولذا ذكرنا (٢) في بحث حجية الأخبار : أنّ من شرائط حجية الخبر الواحد عدم مخالفته للكتاب والسنّة.
وأمّا إن كان كلاهما ظني الصدور ، فهذا هو الذي انعقد له بحث التعادل والترجيح ، ومقتضى القاعدة في مثل ذلك وإن كان هو التساقط على ما ذكرناه (٣) ، إلاّأ نّه وردت نصوص كثيرة دالة على الأخذ بأحدهما تعييناً أو تخييراً على ما سنتكلم فيه إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ المعارضة بين الدليلين قد تكون على نحو التباين ، وقد تكون على نحو
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٠ ـ ١١١ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١٢ ، ١٤ ، ١٥ ، ٤٨.
(٢) [لم نعثر عليه].
(٣) في ص ٤٤٠ ـ ٤٤١.