العموم من وجه. فيقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : في المتباينين كما إذا دلّ أحدهما على وجوب شيء ، والآخر على عدم وجوبه.
وذكر صاحب الكفاية (١) أنّ الأخبار الواردة في تعارض الخبرين على طوائف : منها ما يدل على التوقف. ومنها ما يدل على الأخذ بما يوافق الاحتياط. ومنها ما يدل على التخيير على الاطلاق. ومنها ما يدل على الترجيح بالمرجحات المذكورة في الروايات.
أقول : أمّا التوقف ، فليس في المقام ما يدل عليه ، سوى روايتين : إحداهما : مقبولة عمر بن حنظلة (٢). والاخرى : خبر سماعة بن مهران (٣). أمّا المقبولة ، فقد ورد فيها بعد فرض الراوي تساوي الحديثين من حيث موافقة القوم ومخالفتهم «فارجئه حتى تلقى إمامك ...» وأمّا خبر سماعة فقد ورد فيه بعد ما قال الراوي يرد علينا حديثان : واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه أنّه قال عليهالسلام : «لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله. قال الراوي : قلت : لا بدّ أن نعمل بواحد منهما ، قال عليهالسلام : خذ بما فيه خلاف العامة».
والتحقيق أنّه لا يصح الاستدلال بهما على الحكم بالتوقف. أمّا المقبولة ، فلأ نّها ـ مع الغض عن سندها ـ وردت في مورد التخاصم ، ومن الظاهر أنّ فصل التخاصم لا يمكن بالحكم بتخيير المتخاصمين ، إذ كل منهما يختار ما فيه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٤٢ ـ ٤٤٣.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ و ١٠٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٢.