الرواية كالمحدث البحراني قدسسره (١) ـ أنّها مرفوعة ساقطة عن مقام الحجية.
فتبقى في المقام طائفتان من الأخبار : إحداهما : ما يدل على التخيير. والاخرى : ما يدل على الترجيح. وذهب صاحب الكفاية (٢) قدسسره إلى التخيير ، وأنكر لزوم الترجيح ، حيث حمل الأخبار الدالة على الترجيح على الاستحباب ، وأصرّ عليه ، ونسبه إلى الكليني قدسسره في الكافي (٣) ، وذكر في وجه ما ذهب إليه وجوهاً :
الأوّل : أنّ الأخبار الدالة على الأخذ بما يوافق الكتاب وطرح ما يخالفه ، أو الأخذ بما يخالف القوم وطرح ما يوافقهم ليست واردة في مقام الترجيح ، بل في مقام تمييز الحجة عن اللا حجة بشهادة ما ورد من قوله عليهالسلام : «أنّه زخرف وباطل أو لم نقله أو اضربوه على الجدار» (٤) إلى غير ذلك من التعبيرات الدالة على عدم حجية الخبر المذكور. وكذا الأمر في الأخبار الدالة على الأخذ بما يخالف القوم وطرح ما يوافقهم ، فانّ الوثوق بصدور الخبر المخالف للقوم يوجب اطمئنان النفس بأنّ الخبر الموافق لهم إمّا غير صادر من المعصوم عليهالسلام أو صدر تقية ، فيكون الخبر المخالف للكتاب أو الموافق للقوم غير مشمول لأدلة الحجية.
ثمّ ذكر أنّه لو سلّم أنّ الأخبار الآمرة بالأخذ بموافق الكتاب أو بمخالف
__________________
(١) الحدائق ١ : ٩٩.
(٢) كفاية الاصول : ٤٤٣ ـ ٤٤٥.
(٣) [سيأتي التعرض له في ص ٤٩٤].
(٤) تقدّمت مصادرها في ص ٤٨٤.