الكثرة. هذا وستسمع (١) إن شاء الله تعالى أنّ الأخبار الواردة لا تنهض لاثبات التخيير أصلاً فانتظر قليلاً.
ثمّ لايخفى أنّ هذا الوجه لو تم لزم الالتزام باستحباب الترجيح بالمرجحات ، بخلاف الوجهين المتقدمين ، فان نتيجتهما تعيّن التخيير وعدم رعاية الترجيح لا لزوماً ولا استحباباً.
بقي الكلام فيما نسبه إلى الكليني من القول بالتخيير مطلقاً ، وعدم لزوم الترجيح ، ومراجعة الكافي تشهد بعدم صحة هذه النسبة ، فانّه قدسسره قال في ديباجة الكافي : إعلم يا أخي أنّه لا يسع لأحد تمييز شيء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء عليهمالسلام برأيه ، إلاّما اطلقه العالم عليهالسلام بقوله : «فاعرضوهما على كتاب الله (عزّ وجلّ) فما وافق الكتاب فخذوه ، وما خالف الكتاب فردّوه» وقوله عليهالسلام : «دعوا ما وافق القوم فانّ الرشد في خلافهم» وقوله عليهالسلام : «خذوا بالمجمع عليه ، فانّ المجمع عليه لا ريب فيه» ونحن لا نعرف من ذلك إلاّأقله ، ولا نجد شيئاً أحوط وأوسع من ردّ علم ذلك كله إلى العالم عليهالسلام وقبول ما وسع الأمر فيه لقوله عليهالسلام : «وأ يّهما أخذتم من باب التسليم وسعكم» (٢) وأنت ترى أنّ ظاهر هذا الكلام لزوم رعاية المرجحات والتخيير مع فقدها ، فان ظاهر قوله قدسسره : نحن لا نعرف ... أنّه سلّم الترجيح بالاجماع وموافقة الكتاب ومخالفة القوم ، ولكن ذكر قلّة الموارد التي نعرف فيها وجود تلك المرجحات ، فلا بدّ من ردّ علم كلها إلى العالم عليهالسلام وقبول التخيير.
__________________
(١) في ص ٥٠٨ ـ ٥١١.
(٢) الكافي ١ : ٨ ـ ٩.