فتحصّل مما ذكرناه في المقام : لزوم الترجيح بالمرجحات والتخيير مع فقدها.
بقي الكلام في تعيين المرجحات المنصوصة وترتيبها فنقول :
أمّا الشهرة : فالظاهر عدم كونها من المرجحات ، فانّ المذكور في المقبولة هو الأخذ بالمجمع عليه ، والمراد به الخبر الذي أجمع الأصحاب على صدوره من المعصومين عليهمالسلام فالمراد به الخبر المعلوم صدوره من المعصوم عليهالسلام بقرينة قوله عليهالسلام بعد الأمر بالأخذ بالمجمع عليه : «فانّ المجمع عليه لا ريب فيه» وقوله عليهالسلام بعد ذلك : «إنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتبع ، وأمر بيّن غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله ...» إلخ فانّ الإمام عليهالسلام طبّق الأمر البيّن رشده على الخبر المجمع عليه ، فيكون الخبر المعارض له ساقطاً عن الحجية ، لما دلّ على طرح الخبر المخالف للكتاب والسنّة ، فانّ المراد بالسنّة هو مطلق الخبر المقطوع صدوره عن المعصوم عليهالسلام لا خصوص النبوي كما هو ظاهر. ولا ينافي ما ذكرناه فرض الراوي الشهرة في كلتا الروايتين بعد أمره عليهالسلام بالأخذ بالمجمع عليه ، فانّ الشهرة بمعنى الوضوح ، ومنه قولهم : شهر فلان سيفه ، وسيف شاهر ، فمعنى كون الروايتين مشهورتين أنّهما بحيث قد رواهما جميع الأصحاب ، وعلم صدورهما عن المعصوم عليهالسلام.
وظهر بما ذكرناه عدم صحة الاستدلال بما في المرفوعة من قوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» على الترجيح بالشهرة الاصطلاحية ، إذ فرض الشهرة في إحدى الروايتين بالمعنى الذي ذكرناه يوجب دخولها تحت عنوان السنة القطعية ، فتكون الرواية الاخرى خارجة عن دائرة دليل الحجية