وهذا المعنى هو المأخوذ من الكبرى في كلام شارح المختصر على ما نقله الشيخ (١) قدسسره من قوله : الحكم الفلاني قد كان متيقناً سابقاً وشك في بقائه ، وكلّما كان كذلك فهو مظنون البقاء.
وأمّا على القول بكونه من الاصول ، فلا بدّ من تعريفه بالحكم كما وقع في كلام الشيخ وصاحب الكفاية ، لكن لا بما ذكراه من أنّه الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم ، فانّ الاستصحاب على هذا التقدير مأخوذ من الأخبار وعمدتها صحاح زرارة ، وليس فيها ما يدلّ على الحكم ببقاء حكم أو موضوعٍ ذي حكم ، بل المستفاد منها حرمة نقض اليقين بالشك من حيث العمل ، والحكم ببقاء اليقين من حيث العمل في ظرف الشك.
فالصحيح في تعريفه على هذا المسلك أن يقال : إنّ الاستصحاب هو حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي.
الجهة الثانية : في أنّ البحث عن الاستصحاب هل يكون بحثاً عن مسألة اصولية أو فقهية؟
فنقول : أمّا على القول باختصاص حجية الاستصحاب بالشبهات الموضوعية وعدم حجيته في الأحكام الكلّية الإلهية كما هو المختار ، فالبحث عنه يرجع إلى البحث عن قاعدة فقهية مستفادة من الأخبار ، فيكون الاستصحاب من القواعد الفقهية كقاعدة الطهارة وقاعدة التجاوز ، ويعتبر فيه حينئذ اليقين السابق والشك اللاحق من المقلد ، ولا يكفي تحققهما من المجتهد بالنسبة إلى تكليف المقلد ، فلو كان المقلد متيقناً بالطهارة من الحدث وشك في الحدث فرجع إلى المجتهد ، فلا بدّ له من الافتاء بابقاء الطهارة عملاً وإن كان
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٤٢.