على الاستحسانات والأقيسة ، واستغنوا بذلك عن المراجعة إلى الأئمة عليهمالسلام ووقعوا في مخالفة الأحكام الشرعية كثيراً ، فحينئذ لا مانع من التعدي إلى كل مزية تكون موجبة للرشد غالباً. ولكنّ الصغرى لهذه الكبرى غير متحققة ، إذ ليس في المرجحات ما يكون موجباً لغلبة مطابقة الواقع.
الأمر الخامس : أنّه لو وقع الاختلاف في تفسير رواية لا ينبغي الريب في أنّه غير داخل في التعارض ، فانّ تعدد التفسير لا يوجب تعدد الحديث حتى يكون مشمولاً لقوله عليهالسلام : «إذا جاءكم حديثان مختلفان ...» إلخ.
أمّا لو اختلفت النسخ كما إذا روى الكليني قدسسره الخبر بنحوٍ ورواه الشيخ قدسسره بنحو آخر مع وحدة السند ، أو كان الخبر في بعض نسخ التهذيب مثلاً بلفظ ، وفي بعضها الآخر بلفظ آخر ، فيظهر من المحقق الهمداني في كتاب صلاته : أنّ ذلك لا يكون من باب تعارض الخبرين ، بل من باب اشتباه الحجة بغيرها ، للعلم بعدم صدور كليهما عن الإمام عليهالسلام.
ولكنّ التحقيق هو التفصيل في المقام والالتزام بأن اختلاف رواية الكافي والتهذيب مثلاً داخل في تعارض الخبرين ، فانّهما خبران والعلم بعدم صدور كليهما لا يضر بتعدد الخبر ، كما في سائر موارد التعارض ، فيكون المقام نظير ما إذا حكم الإمام عليهالسلام بحكم في مجلسٍ وخرج عنه راويان ثمّ اختلفا فروى أحدهما حكمه بنحو والآخر بنحو آخر ، وأمّا إن كان الاختلاف في نسخ كتاب واحد ، فالأمر كما ذكره ، فانّا لا ندري في هذه الصورة أنّ ما أخبرنا به الشيخ قدسسره مثلاً أيّهما. نعم ، لو احرزت الوثاقة في كل من ناسخي الكتاب لا يبعد دخوله في المتعارضين كالقسم الأوّل.