بقي الكلام في الأخبار التي استدل بها على التخيير بين المتعارضين ، ولم نجد منها إلاّثمان روايات :
منها : ما عن فقه الرضا عليهالسلام : «والنفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضة وهي عشرة أيام ، وتستظهر بثلاثة أيام ثمّ تغتسل. فاذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة ، وقد روي ثمانية عشرة يوماً ، وروي ثلاث وعشرين يوماً وبأيّ هذه الأحاديث اخذ من جهة التسليم جاز» (١).
ودلالة هذه الرواية وإن كانت تامة إلاّأ نّه قد ذكرنا في بحث الفقه (٢) أنّه لم تثبت حجية الكتاب المذكور ، فلا يمكن الاعتماد على الروايات المذكورة فيه.
ومنها : ما في ذيل المرفوعة من قوله عليهالسلام بعد فرض الراوي كلا الخبرين موافقاً للاحتياط أو مخالفاً له : «إذن فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الآخر» (٣).
وفيه : ما تقدّم من عدم صحة الاعتماد على هذه الرواية لضعفها من جهات. مضافاً إلى أنّ حكم الإمام عليهالسلام فيها بالتخيير إنّما هو بعد فرض الراوي الشهرة في كل من المتعارضين ، فيكون موردها الخبرين المقطوع صدورهما على ما ذكرناه (٤) من أنّ المراد بالشهرة هو معناها اللغوي ، وحكم الإمام عليهالسلام بالتخيير فيما إذا كان كل من المتعارضين قطعي الصدور
__________________
(١) المستدرك ٢ : ٤٧ / أبواب النفاس ب ١ ح ١.
(٢) مصباح الفقاهة ١ : ١٣.
(٣) تقدّم سندها والخدشة فيه في ص ٤٨٦.
(٤) في ص ٤٩٥.