خلافه ، فانّا لم نجد مورداً أفتى فيه بالتخيير واحد منهم فراجع.
ولا يخفى أنّ البحث عن كون التخيير بين المتعارضين بدوياً أو استمرارياً ساقط بناءً على ما ذكرناه من سقوط كلا المتعارضين عن الحجية مع فقد المرجح لأحدهما كما هو ظاهر ، وعلى تقدير تسليم تمامية أدلة التخيير ، فهل التخيير ابتدائي أو استمراري.
اختار صاحب الكفاية قدسسره (١) الثاني لوجهين :
أحدهما : التمسك باستصحاب بقاء التخيير الثابت قبل الأخذ بأحدهما.
ثانيهما : التمسك باطلاقات أدلة التخيير ، فانّ مقتضاها ثبوته ولو بعد الأخذ بأحدهما.
وفي كلا الوجهين ما لا يخفى ، أمّا الأوّل ففيه أوّلاً : عدم حجية الاستصحاب في الشبهات الحكمية على ما تقدم الكلام فيه في بحث الاستصحاب (٢). وثانياً : أنّ استصحاب بقاء التخيير في نفسه لا يجري ، لأنّ التخيير الثابت قبل الأخذ بأحدهما عبارة عن تفويض الشارع أمر الحجية إلى المكلف ، بأن يجعل ما ليس حجة في حقه حجة ، إذ لا يكون أحد من الخبرين المتعارضين حجة قبل الأخذ ، وهذا المعنى من التخيير غير قابل للبقاء بعد الأخذ بأحدهما ، فانّه بعد الأخذ بأحدهما تتعيّن عليه الحجة ، فليس له التخيير في سلب الحجية عن الحجة ، فيجري استصحاب بقاء حجية المأخوذ به بلا معارض.
وأمّا الثاني ففيه : أنّ خطابات التخيير متوجهة إلى المكلف الذي جاءه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٤٦.
(٢) في ص ٤٢ وما بعدها.