كان العموم في كل منهما بالوضع.
وأمّا إذا كان العموم في كل منهما مستفاداً من الاطلاق ، فتسقط الروايتان في مادة الاجتماع من الأوّل ، بلا حاجة إلى الرجوع إلى المرجحات ، وذلك لأنّ الاطلاق بمعنى اللا بشرط القسمي المقابل للتقييد غير داخل في مدلول اللفظ ، إذ اللفظ موضوع للماهية المهملة التي يعبّر عنها باللا بشرط المقسمي ، فلا يروي الراوي عن الإمام عليهالسلام إلاّبثبوت الحكم للطبيعة المهملة. وأمّا إطلاقه فهو خارج عن مدلول اللفظ ، ويثبت بحكم العقل بعد تمامية مقدمات الحكمة. وعلى هذا فلا تعارض بين الخبرين باعتبار نفس مدلوليهما ، فانّه لا تنافي بين الحكم بوجوب إكرام العالم على نحو الاهمال ، وحرمة إكرام الفاسق كذلك ليقع التعارض بين الخبرين الدالين عليهما. ولا سبيل للعقل إلى الحكم بأنّ المراد منهما وجوب إكرام العالم ولو كان فاسقاً ، وحرمة إكرام الفاسق ولو كان عالماً ، فانّه حكم بالجمع بين الضدين. والحكم بالاطلاق في أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيسقط الدليلان معاً في مادة الاجتماع ، ويرجع إلى دليل آخر من عموم أو إطلاق ، ومع فقده يكون المرجع هو الأصل العملي.
تنبيه :
قد عرفت من مباحثنا السابقة أنّ الخبر الواحد إذا كان مخالفاً لظاهر الكتاب أو السنّة القطعية وكانت النسبة بينهما التباين ، يطرح الخبر ولو لم يعارضه خبر آخر بمقتضى الأخبار الكثيرة الدالة على عدم حجية الخبر المخالف للكتاب والسنّة وأ نّه زخرف وباطل (١). وأمّا إن كانت النسبة بينهما العموم المطلق ، فلا
__________________
(١) قد تقدّم ذلك في ص ٤٨٤.