واضح بالنسبة إلى العالم بالفعل.
وأمّا الجاهل بالفعل المتمكن من استنباط الأحكام الشرعية ، فادعى شيخنا الأنصاري قدسسره في رسالته الخاصة بمباحث الاجتهاد والتقليد (١) قيام الاجماع على عدم جواز رجوعه إلى الغير ، وأنّ ما دلّ على جواز التقليد من الآية والرواية منصرف إلى الجاهل غير المتمكن من الاستنباط.
أقول : إن تم ما ذكره قدسسره من الاجماع ، أو قلنا بانصراف أدلة جواز التقليد والرجوع إلى العالم عن المتمكن من الاستنباط ، فالموضوع لعدم جواز الرجوع إلى الغير وإن كان هو المتمكن من استنباط الأحكام ، فيناسبه تعريف الاجتهاد بأ نّه ملكة يقتدر بها على تحصيل الحجة على الوظيفة الفعلية من الأحكام الواقعية أو الظاهرية ، إلاّأنّ هذا التعريف لا يناسب الحكمين الآخرين ، لما ستعرف من أنّهما مختصان بالعالم بالفعل.
فالصحيح تعريف الاجتهاد بأ نّه العلم بالأحكام الشرعية ـ الواقعية أو الظاهرية ـ أو بالوظيفة الفعلية عند عدم إحراز الحكم الشرعي من الأدلة التفصيلية ، وبهذا يتحد تعريف الاجتهاد مع تعريف الفقه ، غاية الأمر أنّه يلتزم بعدم جواز التقليد لبعض أفراد غير المجتهد أيضاً ، وهو المتمكن من الاستنباط إن تمّ الاجماع أو الانصراف المذكوران ، وإلاّ كان موضوع عدم جواز التقليد أيضاً هو العالم بالفعل.
وأمّا جواز رجوع الغير إليه فان تمت دلالة مثل قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) وقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد : ٥٧.
(٢) النحل ١٦ : ٤٣.