إليه» (١) فهو دال على ما ذكرناه ، فانّ كلمة شيء مع التنكير وإن كانت ظاهرةً في القلة في غير المقام ، إلاّأ نّها كناية عن الكثرة في المقام ، باعتبار أنّه لوحظت قلته بالنسبة إلى علوم الأئمة عليهمالسلام فلا بدّ من أن يكون كثيراً في نفسه ، وإلاّ لا يعدّ شيئاً من علومهم عليهمالسلام فانّ علمهم عليهمالسلام بمنزلة بحر محيط ، وشيء منه لا يكون إلاّكثيراً في نفسه كما هو المتعارف ، فانّه إذا قيل : عند فلان شيء من الثروة والمال ، يراد منه ما يكون كثيراً في نفسه ، فانّه قليل بالنسبة إلى مجموع الأموال والثروة الموجودة في الدنيا ، ولعل السر في هذا التعبير هو الاشارة إلى كثرة علمهم عليهمالسلام ، بحيث يكون علم غيرهم بالنسبة إلى علمهم عليهمالسلام كالقطرة من البحر.
ثمّ إنّه ظهر مما ذكرناه عدم جواز تقليد من عرف الأحكام من غير الأدلة المقررة كالرمل والجفر ونحوهما ، وأ نّه لا اعتبار بقضائه ، ولو فرض كونه معذوراً في تحصيلها منها لقصوره ، والوجه في ذلك : أنّ الأئمة عليهمالسلام أمروا بالرجوع إلى رواة أحاديثهم ، ونهوا عن الاعتماد على غيرهم ، وقيّدوه بكون الراوي ناظراً في الحلال والحرام ، الظاهر في اعتبار كونه من أهل النظر والاستنباط في صحة الرجوع إليه ، كما في مقبولة عمر بن حنظلة ، مضافاً إلى أنّ راوي الأحاديث باعتبار نقله ألفاظها لا يسمى من أهل الذكر ، بل صدق هذا العنوان كعنوان الفقيه يتوقف على استنباط الأحكام منها.
ومن هنا يظهر عدم جواز تقليد من يرى حجية الظن من جهة انسداد باب العلم والعلمي ، أمّا على الحكومة فظاهر ، لأنّه لايكون عالماً بالأحكام الشرعية ، غاية الأمر كونه معذوراً في عمل نفسه مع عدم التقصير في المقدمات. مضافاً
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٣ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٥.