الكلام في التخطئة والتصويب
لا خلاف في وقوع الخطأ في الأحكام العقلية ، وأنّ من حكم بما يدعي استقلال عقله به قد يصيب الواقع وقد لا يصيبه ، سواء كان من المسائل العقلية المحضة التي لا مساس لها بالأحكام الشرعية ، كمسألة إعادة المعدوم التي ذهب جماعة إلى إمكانها واخرى إلى امتناعها ، أو كان من المسائل العقلية التي لها دخل في الأحكام الشرعية ، كمسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه ، فانّ التصويب في الأحكام العقلية مطلقاً مستحيل ، بداهة أنّ القائل بامكان إعادة المعدوم والقائل بامتناعه ، وكذا القائل بجواز اجتماع الأمر والنهي والقائل بامتناعه ، لو كانا مصيبين للواقع ، للزم كون شيء واحد ممكناً وممتنعاً.
وأمّا الأحكام الشرعية فقد نسب القول بالتصويب فيها إلى العامة ، بمعنى أنّ لله سبحانه أحكاماً عديدة في موضوع واحد بحسب اختلاف آراء المجتهدين ، فكل حكم أدى إليه نظر المجتهد ورأيه ، فهو الحكم الواقعي في حقه ، ويكفي في بطلان هذا القول ـ مضافاً إلى الاجماع والأخبار الكثيرة (١) الدالة على أنّ لله حكماً في كل واقعة يشترك فيه العالم والجاهل ـ نفس إطلاقات أدلة الأحكام ، فان مقتضى إطلاق ما يدل على وجوب شيء أو حرمته ثبوته في حق من قامت عنده الأمارة على الخلاف أيضاً.
وتوهم أنّه بعد العلم بحجية ما دل على خلاف الحكم الواقعي من الطرق
__________________
(١) [لعلّه قدسسره يشير إلى أخبار الاحتياط وأخبار وجوب التعلم وجوباً طريقياً ونحو ذلك مما يدل على الاشتراك بالالتزام كما في المحاضرات ٢ : ٨٧].